الرئيسية » » هكذا أحسستك

هكذا أحسستك

بقلم Unknown الاثنين، 17 مارس 2014 | 3:54:00 ص

قلب من الورود


عندما أشرَقت شمسُ ذلك اليوم الذي لا أتذكرُ متى كان، عندما شعُرت بهذا الزلزال يهُز كل كياني، عندما أصبحتِ لي كالماءِ للعطشانِ الذي يَئس من الرواءِ، عندما التقينا.
هل تذكرين؟ .... هل تستطيعين الجزم بموعدِ اشتعالُ المشاعرِ كالنارِ في هشيمِ القلبِ، أنا لا أستطيع فلا أملكُ سوى قلبي وعقلي الذي يقوده، فلماذا تخلى العقل اليوم عن الدفة وأسلمها للقلب؟، هكذا أحسستُك طيفاً يقتربُ من الخيالِ لا أستطيعُ حتى تحديد ملامحه التي أوقنُ أنها شديدة الشبه بي.
كنت أسير في حقل قد ارتفعت فيه أعواد القمح إلى ما يقارب قامتي، الرائحةُ تتخلل أنفي تتسربُ إلى الروح فتنعشها وتُشعرُها بالنقاءِ فرائحةُ بَخّرُ الماء من الأعواد والسنابل يُشعرك بالحياة، كنتُ أسيرُ بلا هدف .... فقط أريد الاختلاء بنفسي، خرجت من الحقل إلى جذع الشجرة الحبيبة إلى قلبي والتي احتضنتني كثيرا وأنا استذكر دروسي في مراحل التعليم المختلفة حتى الجامعة، كنت أكثر استيعابا لما أقرأه وأنا تحت ظلالها الوارفة الحنونة، اليوم وبعد أن بلغت مسافات طويلة في الرحلة أشعر بالحنين إليها، لقد خرجت لتوي من تجربة علمية وأحزرت نجاحا هائلا، ولكنه لا يشعرني بالأهمية، فراغ داخل صدري لا يريد أن يمتلئ عصي على السكون دائم البحث عمّا يملؤه.
جلستُ أنظرُ إلى السماء التي كانت متسعة اليوم على غير عادتها، وكانت الشمسُ أكثرَ إشراقاً ونسماتٌ رقيقةٌ تداعبني وتدغدغني، أغمضت عيناي قليلاً فحَمَلت لي النسماتُ رائحتُك، ظننتها رائحة الزروعِ الناضجةُ المتخمةُ بالقوةِ والماءِ فلم أبالِ فأنا أعشقُ هذه الرائحة وأُريدها دائماً أن تملأ صدري تُنظفُه وتطرحُ عنه أوزار المدينة، تبدلت الأنسامُ وشعرتُ بأنفاسٍ تقتربُ بتروٍ نحوي، أصدر العقلُ أمراً بتحري الأمرَ، ففتحتُ عيناي فوجَدتُك أمامي تنظرين إليّ بثباتِ الواثقُ المتحفزُ للقفز فوراً في الفراغ الذي أجدهُ في صدري، وسألتُكِ لحظتها هل أتيتِ بقلبي معكِ، لم تُجيبيني ولكنكِ ألقيتِ ما بيميِنكِ في الفراغ فامتلأ، لأولِ مرة أحُس بالشبعِ بعد سنوات جوعٍ طويلة كان يشبع فيها العقل فقط، آن أوان إشباعُ الروحِ إذن .... ماذا أحضرتِ معكِ وكان بيمينكِ واستقر في صدري؟ أُجزم انه لسحر، من أين أتيتِ بهذه الرائحة التي أعرفها جيداً، هل أعرفكِ جيداً، لم تنطقي بل أطلتِ التحديقَ في عيني حتى شعُرتُ بدوارٍ لذيذُ فأسندتُ رأسي لأمي الشجرةُ التي بَسَطَت لِحَاؤها لرأسي واستمررتِ بالتحديقِ الطويل، فشعرت بقوةٍ تجذبني إلى الغوصُ في عالمكِ الذي أريتني فالألوانُ المُبهرةُ والراقصاتُ وعرائسُ الجنِ في جنتكِ ينادينني، قمتُ من مجلسي وتلمستُ كفيكِ فذابتا في كفاي، لم أشعرُ بنعومةٍ كهذه من قبل .... أخذتني الخشونةَ سنواتٍ فنسيتُ مما خُلقت أكفُ الحوريات، سِرنا لخطواتٍ وابتعدَت عيناكِ عني فتوقفتُ سريعاً وقلتُ لكِ: هل تُريدين أن تُصافحي سنابلَ القمحِ، فأومأتِ بموافقةٍ سريعة، فخُضنا حقلَ القمحِ أنا وأنتِ تُرحبُ بنا السنبلاتُ وتُهَدهِدُ خُدودنا كأنها تريدُ أن تلمسنا، فهي تُحقق لنا حلماً أن نسيرَ في كنفِها ونشمَ عبيرُها الأخّاذُ الذي يجمعُ قوةَ الحياة.
ثم خرجتُ من الحقلِ أنتظرُ أن نُكمل مشوارنا ولكني لم أجدكِ، عدتُ لأبحثَ عنكِ داخل الحقل ولكنكِ اختفيتِ، كنتُ أريدُ فقط أن أُحدثك أكثر وأن أقولَ لكِ كيف أحسستُك، ولكنكِ غبتِ كما أتيتِ بدون كلمةٍ واحدة، وأكملتُ مشواري مبتعداً عن الحقل وكانت قطعاً مني تسقط أرضاً كلما ابتعدت عنك.

Ahmed Negmeldeen 1

 

شاهد تعليقات: أو

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

Copyright © 2016. بقلمي -جميع الحقوق محفوظة