الرئيسية » » مدخل إلى علوم المسرح (2)

مدخل إلى علوم المسرح (2)

بقلم Unknown الاثنين، 18 أبريل 2016 | 2:40:00 ص


نشأة الدراما
استكمالا للمقال السابق نكمل قصة نشأة الدراما في هذا المقال
نشأة "المأساة" التراجيديا
و مهما تعددت الروايات حول نشأة المأساة الأثينية, فمن المسلم به أن المأساة قد نبتت من الرقصات والأغانى الديثرامبية, ثم أخذت تتطور تدريجياً حتى صارت فناً قائماً بذاته. ومن المؤكد أن الديثرامبوس قد تطور تطوراً سريعاً منذ أن أرتبط بأعياد هذا الآله التى تقام فى أثينا . وهكذا صدق أرسطو عندما قال:" بأن الدوريين كانوا أصحاب الفضل فى خلق المأساة وصدق أيضاً الذين قالوا: "بأن الأثينين كانوا أصحاب الفضل فى جعلها فناً أدبياً رائعاً" . فكما نعلم أن المأساة اليونانية منذ نشأتها استمدت موضوعاتها من الأساطير والخرافات التي ورثها اليونان عن أسلافهم، ولكن شعراء المأساة لم يكتفوا.
ويجب ألا نعتقد أن شعراء المأساة تناولوا هذه الأساطير كما هي، بل أدخلوا عليها تغييرات وإضافات، ولأن الأسطورة اليونانية كانت تتضمن عدداً من القصص الغامضة المتشابكة، لذا كان على الشاعر أن ينسقها ويعدها في صورة قصة واحدة تتناول أحداثاً متتالية تنتهي بعقدة مثيرة.‏لذا كان الشعراء يتخذوا من هذه الأساطير أَطراً لمعالجة المشاكل الاجتماعية والخلقية المختلفة المواكبة لعصرهم، كما كانت تعالج المشاكل والأوضاع السياسية الداخلية والخارجية، ولا يعني ذلك أن شعراء المأساة لم يحاولوا الخروج عن نطاق الأساطير فبعضهم مثل "فرونيخوس"، قد تناول في مسرحياته موضوعات ترتبط بالوقائع التاريخية والحوادث المعاصرة.
و لقد وضع‏ "أرسطو" تعريف للمأساة فقال إنها:
" تقليد لحدث جدي كامل لـه جلاله، في لغة منمقة بكل أنواع المحسنات الفنية، وهذه الأنواع توجد في أجزاء متفرقة من المأساة، وذلك الحدث يأتي بأسلوب درامي لا قصصي ليطهر النفس عن طريق الخوف والشفقة ـ .
وما يجب أن يشار إليه هنا أن المأساة اليونانية كسائر المآسي القديمة تُنظم شعراً في أوزان مختلفة، وكل وزن منها يستعمل لتصوير موقف معين، لذلك نجد أن أجزاء المأساة كانت تعتمد اعتماداً كلياً على الأوزان، وأن أشعار كل جزء من هذه الأجزاء كانت تنتظم في وزن يناسب الوظيفة التي يؤديها هذا الجزء لتطور مراحل الحدث (الأجزاء كما هي موضحة في كتاب المأساة اليونانية سوف يتم ذكرها باختصار).. الأجزاء هي:‏
1ـ المقدمة: (المنظر الأول في المأساة) تنظم على شكل حوار ديالوج أو مونولوج‏..
2 ـ المدخل: دخول الجوقة و الموسيقي (الأوركسترا)‏.
3 ـ فاصل من الإنشاد تؤديه الجوقة (الابسيدون): ويعرف "أرسطو" في كتابه "فن الشعر" مصطلح الابسيدون : "الجزء من المأساة الذي يقع بين نشيدين كاملين تنشدهما الجوقة ".
4ـ الخاتمة: ويعرفها "أرسطو" أيضاً في كتابه المذكور بأنها ذلك الجزء الذي لا يتبعه نشيد (أغنية جماعية تنشدها الجوقة) وبمعنى أسهل: الجزء الذي يأتى بعد الابسيدون. ويتميز هذا الجزء بظاهرتين (الأولى: خطبة الرسول، والثانية: ظهور الآلهه).. ولعل هذه الأجزاء تبدو أكثر وضوحاً كما في مسرحيات "المستجيرات" لأسخيلوس ، وهي من أقدم المآسي التي تُظهر خصائص المأساة اليونانية عند نشأتها، وهي مأساة بسيطة تعالج حدث واحد، وتعتبر هذه الدراما الجزء الأول من مجموعة ثلاثية مفقودة، ففيها تلعب الجوقة المكونة من خمسين شقيقة هن (بنات دناؤوس).
و كما أشار "أرسطو" إلي الشعر الغنائي بوصفه مرحلة أولي ممهدة لنشأة المأساة والملهاة الذين هما أعلي منه شأنا ولقد إنقسم الشعر وفقا لطباع الشعراء، فالشعراء ذو النفوس النبيلة حاكوا الأفعال النبيلة وأعمال الفضلاء، وذو النفوس الخسيسة حاكوا أفعال الأدباء فأنشأو الأهاجي علي حين أنشأ أخرون التراتيل الدينية والمدائح ثم إرتقت الأهاجي فصارت ذات طابع درامي بعد أن كانت حكاية المهازل والمخازي الفردية. كما كانت الملحمة أساس المأساة وهذه الفروع الأدبية الأخيرة (المأساة والملهاة) أجل وأعلي مقاما من الاول.
و إلى اللقاء في المقال القادم لاستكمال ما بدأنا إن شاء الله
شاهد تعليقات: أو

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

Copyright © 2016. بقلمي -جميع الحقوق محفوظة